28 - 06 - 2024

تعا اشرب شاي | ياقوت مرجان قناة جديدة أحمدك يارب

تعا اشرب شاي | ياقوت مرجان قناة جديدة أحمدك يارب

(أرشيف المشهد)

  • 14-8-2015 | 14:42

جاءتنى مبكرة على غير عادتها ، كانت السعادة تطغى على كل ملامح وجهها ، قالت لى انها مضطرة للانتهاء من العمل مبكرا لتلحق اﻹحتفال بإفتتاح القناة ، أحسست بإهانة شديدة ﻷن شغالتى جاءتها دعوة لحضور الحفل لم أحظ أنا بها ، ﻻحظت الغيظ الذى خيم على وجهى فقالت لى بشفقة : تأكدى يا سيدتى أننى لن أتركك مهما حدث.

طلت كل علامات اﻹستفهام والتعجب من وجهى حتى أننى تحسست أنفى لعله لم يجد له مكانا فوق شفتي.

علمت بعد حيرة أن ذلك الحفل المزعوم ما هو إﻻ سرادق أقامه أحد السادة المرشحين للبرلمان القادم ، وهناك تقام منذ أيام اﻷفراح والليالى الملاح ، نفس هذا الشخص أخبرهم أنه أحد أهم الممولين لمشروع القناة التى ستدر على مصر ارقاما فلكية من المليارات الأمر الذى سيغنيها عن الخدمة فى البيوت ، وعندما سألتها عن سر ثقتها فيه إلى هذا الحد ، علمت أن وسائل الإعلام وعلى رأسها جهاز التليفزيون قد دعمت هذا الزعم إلى حد اليقين.

كنت أستمع إليها ببلاهة شديدة وأنتظر أن تشدو فى آية لحظة بأاغنية (كماننة) وتجيب دش مع الموبايل والحتة الكوبيه.

عندها تذكرت حارس العقار الذى تزامن وجوده فى العقار الذى أسكنه إبان ثورة يناير ، حيث كان يمطر شباب التحرير بوابل من السباب واللعنات كلما ظهروا أمامه على شاشة التليفزيون وكان يعتبرهم أحد أهم مقومات سقوط البلد وﻻ يلين قلبه لجرحاهم او شهدائهم بل على العكس، كان يرى انهم اللى جابوه لنفسهم وإيه اللى وداهم هناك ؟ بالطبع لم أتعجب من موقف عم شعبان حيث كان ذلك حال اﻷغلب اﻷعم من الشعب المصرى البعيد عن محيط التحرير ، ولكن ما أثار دهشتى حقا هو الصخب و اﻹحتفاﻻت التى تزامنت مع تنحى مبارك رغم كل ذلك ، وكان عم شعبان من اوائل المحتفلين ، وعندما سألته عن سبب فرحته وإحتفائه بالثوار وجدت أنه الشئ نفسه الذى كان سببا فى غضبه وحنقه عليهم وهو جهاز التليفزيون، قال لى عم شعبان بمنتهى السعادة أن الثوار نجحوا فى اﻹطاحة بمبارك ، ما يعنى أننا سنسترد مليارته المنهوبة من الشعب المصرى لتعود إلى جيوبنا تارة اخرى وكان بصدد أن يغنى (كامننة) هو اﻵخر ويلقى نفسه واد حبيب و بيه ، وعم شعبان هو نفسه الذى طفح عليه إذ فجأة الحس الوطنى فوجدته يستأذن ذات يوم للسفر للإدﻻء بصوته فى اﻹنتخابات البرلمانية وعندما سألته أى اﻷحزاب سينتخب ، كانت الصدمة ، عم شعبان سافر من القاهرة لحداهم فى الصعيد حيث مقر لجنته اﻹنتخابية ليدلى بصوته للحزب الوطنى المرفوع من الخدمة أساسا ( أى والله)

ﻻ أدرى على من ألقى اللوم ؟ هل على اﻷجهزة اﻻعلامية التى تدغدغ الجماهير تارة بمشاعر الحزن والغضب وتارة بمشاعر النشوة واﻷمل حسب ما تقتضى اﻷحوال دون حقيقة موضوعية موثوق فى صحتها؟ أم على نظام مبارك الذى لم يعدنا يوما بأى أمل فى المستقبل تحت شعار الشفافية هو السبب ، فإنقضت ثلاثون عاما فى عهده ونحن نتعطش لسماع خبر سار ؟ غير أن عهد مبارك على كل مساوئه كانت الفرحة الوحيدة التى كنا نعيشها فرحة خالصة لم نكن نطمع من ورائها بثمة مصلحة شخصية وهى فرحتنا بإنتصارات المنتخب الوطنى.

هل يحق لى أن أحلم أن يفرح المصريون فرحة خالصة و بوعى حقيقى ﻻ تزييف فيه وﻻ طمعا فى غناء الكمننة.

للأسف الشديد الشعب المصرى الفرحان تحت الراية المنصورة يمنى نفسه بمليارات جديدة بعد أن فض يده من مليارات مبارك ولسان حاله يقول : دهب ياقوت مرجان قناة جديدة ، أحمدك يارب.

متى يدرك الشعب أن السماء لن تمطر ذهبا على الكسالى الذين يحتفلون أكثر مما يعملون ويحلمون أكثر مما يستيقظون ، والخوف كل الخوف من أن تتحول هذه الفرحة العارمة إلى إحباط جديد يضاف إلى رصيد طويل من اﻹحباطات السابقة فيتطلعون مرة أخرى إلى السماء علها تمطر عليهم كنزا جديدا دون أن يستوعبوا الدرس كعادتهم.


مقالات اخرى للكاتب

جاء فى مستوى الطالب الضعيف





اعلان